منتدى أبناء الحجاجية القديمة


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى أبناء الحجاجية القديمة
منتدى أبناء الحجاجية القديمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الشمس تتعامدعلى الكعبة المشرفة
الموت Emptyالأحد 27 مايو 2012, 6:54 pm من طرف batota

» ذوبان الجليد بالقطب الشمالي
الموت Emptyالثلاثاء 22 مايو 2012, 11:23 am من طرف batota

» قناة الرحمة
الموت Emptyالإثنين 21 مايو 2012, 12:06 pm من طرف batota

» انتخابات مصر أكثر حماسة من كأس العالم
الموت Emptyالإثنين 21 مايو 2012, 11:55 am من طرف batota

» الآلاف يتجمعون لمشاهدة كسوف "حلقة النار
الموت Emptyالإثنين 21 مايو 2012, 11:42 am من طرف batota

» زواج أقل وطلاق أكثر
الموت Emptyالخميس 03 مايو 2012, 12:49 pm من طرف yasser said

» الاكتئاب السياسي.
الموت Emptyالخميس 03 مايو 2012, 12:45 pm من طرف yasser said

» علامات نفسية لتعرف من يكذب عليك
الموت Emptyالخميس 03 مايو 2012, 12:36 pm من طرف yasser said

» اجمل ماقيل في الابناء
الموت Emptyالخميس 03 مايو 2012, 12:29 pm من طرف yasser said

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 55 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو نيرة فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 239 مساهمة في هذا المنتدى في 217 موضوع

الموت

اذهب الى الأسفل

الموت Empty الموت

مُساهمة من طرف الطير المهاجر الأحد 25 أبريل 2010, 3:43 pm

إنَّ
الحمد لله، نَحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يَهْده الله فلا مضلَّ له ومن يضللْ الله فلا هاديَ له، وأشهد
أن لا إلهَ إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُه
ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي
هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكلَّ مُحدثةٍ
بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

عباد الله:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - ومن تقوى الله أن نتَّقي اليوم الذي نرجع فيه إلى الله، كما قال سبحانه وتعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281].

أيها الإخوة المؤمنون:
هناك حقيقةٌ يتَّفق عليها المؤمن والكافر،
والبَرُّ والفاجِر، والعالِم والجاهل، كلُّ عاقلٍ متَّفقٌ ومُجمِعٌ عليها،
ألا وهي حقيقة الموت.

الموت لا يختلف فيه أحدٌ؛ الكلُّ مُوقِنٌ به، الكلُّ مُقِرٌّ ومُصدِّقٌ
به، كفر الناس بالله، وكفروا باليوم الآخِر، وكفروا بما بعد الموت، وكفر
بعضهم بما في الحياة، ولكنَّ الموت ذاته لا يكفر به أحدٌ، ولا ينكره أحدٌ،
ولا يتجاوزه أحدٌ أبدًا: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، فلذلك يقول الله - سبحانه وتعالى –: {كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ
فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
} [آل عمران: 185].

كل نفسٍ منفوسةٍ، من آدميٍّ أو جنِّيٍّ أو حيوان بأنواعه، الحيوان كله؛ بل والملائكة وكل مخلوق: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26 - 27].

هذه واحدة، هذا أمرٌ كلُّنا نؤمن به، لكننا - أيها الإخوة - مع تصديقنا،
مع يقيننا، مع رؤيتنا المشاهَدة كل يوم - نشهد حَمْلَ جِنازةٍ، نصلِّي على
جِنازةٍ، نعزِّي صاحبَ جِنازةٍ، لكن ليس الأمر في التأكيد على وجود الموت،
وإنما: هل نحن نعلم متى يأتي هذا الموت؟

الكل يوقن أنه ميِّتٌ، وأن مَنْ حوله من الناس ميِّتٌ، وأنَّ كلَّ مَنْ
على وجه الأرض - بل ومَنْ في السماء، ما عدا ربِّ العالمين - كلهم ميِّتٌ،
فأذا علمنا ذلك؛ فنحن لا ندري متى يكون هذا الموت، لا ندري متى يكون هذا
الموت؛ قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34].

لذلك؛ فإن الأنسان يجب أن يكون مستعدًّا لهذا الموت، يجب أن يكون
متذكِّرًا له، يجب أن يكون جاهزًا لأن ينتقل من هذه الحياة إلى الدار
الآخِرة، يلقى الله وهو راضٍ عنه، يحبُّ لقاء الله فيحبُّ اللهُ لقاءَه
كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أحبَّ لقاء الله؛ أحبَّ
اللهُ لقاءَه، ومَنْ كره لقاء الله؛ كره اللهُ لقاءَه))؛ قالت عائشة: يا
رسول الله، كلُّنا يكره الموت - لا أحد يبحث عن الموت؛ بل نحن نعالِج من
أجل أن يتأخَّر الموت، نحن نبني ونزرع ونعمل ونصارع من أجل أن نهرب من
الموت – قال: ((ليس الأمر كذلك يا عائشة، ولكن المؤمن يعرف ما له عند
الله؛ فيحبُّ لقاء الله؛ فيحبُّ الله لقاءه، والكافر يكره لقاء الله؛
فيكره الله لقاءه)).

ليس الكافر فقط، ولكن الفاجر، ولكن المذنب، ولكن الواقع في معصية الله،
ولكن المقصِّر في طاعة الله - كلهم يكرهون لقاء الله؛ لأنهم غير مستعدين
لذلك اللقاء! يريدون أن تطول الأعمار، وإذا ماتوا أن يُردُّوا إلى الدنيا
ليستدركوا ما فاتهم فيها!!

قال سليمان بن عبدالملك لأبي حازم: "يا أبي حازم، ما لنا نكره الموت؟ قال:
لأنكم عمرتم دنياكم وأخربتم آخِرتكم، فأنتم تكرهون الانتقال من العمار إلى
الخراب".

وهذا أمرٌ منطقيٌّ، لو أنَّ إنسانًا بنى داره الجديدة، وأثَّثها بأفخر
أنواع الأثاث، ووضع فيها كلَّ مقوِّمات الحياة، واستقرَّ فيها، فتهدَّمت
داره القديمة، وعشَّشت فيها العنكبوت، وامتلأت بالغبار، وسكنها الجن،
وتشققت جدرانها، ثم جيء له وقيل: هيا انتقل من دارك المؤثَّثة إلى تلك
الدار القديمة المشقَّقة المهدمة المليئة بالغبار؛ فهل يحب أن ينتقل
إليها؟! كلا والله، لا يريد، ولا يحب أن ينتقل إليها!!.

إذًا فعلينا أيها الإخوة إن أردنا أن نكون محبِّين إلى لقاء الله، علينا
أن نعمر الدار التي نحن منتقلون إليها، لذلك يجب أن نستعد للموت.


تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَأِنَّكَ لا تَدْرِي إِذَا جَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَبِيتَ إِلَى الْفَجْرِ

وذكر أنواع الغافلين الساهين إلى أن قال:


فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَكَمْ مِنْ سَقِيمٍ عَاشَ حِينًا مِنَ الدَّهْرِ
نحن نعلم، ونرى بأعيننا، ونسمع كل يومٍ؛
أن فلانًا قد مات من غير مرض، أن فلانًا مات بالجلطة القلبية فجأةً، نام
فلم يستيقظ من يومه، فجأةً خرج إلى عمله ولم يعد إلى بيته، وإنما عاد إلى
المقبرة، فجأةً مات بالذبحة الصدرية، مات بالجلطة، مات، مات، مات...
أنواعٌ وأشكالٌ من موت الفُجأة، لا يحسب الإنسان حسابها.

يخرج وهو يأمل الآمال العريضة، يأمل الآمال الطويلة، يفكر ويخطط لحياة
طويلة وسنوات مديده، فإذا به ليس بينه وبين الموت إلا دقائق معدودة، وهذا
من حكمة الله؛ أن حجب عنَّا موعد الموت، حتى يظهر الموقِن بما وراء الموت،
والذي لا يوقن بالموت وما وراء الموت، الذي لا يوقن بالجنة ولا بالنار،
ولا بالقبر وعذابة، ولا بالحشر وما فيه.

إذًا يا أيها الأخوة:
هذا حال الناس، وهذا الذي مات موت الفجأة،
مات بالذبحة أو الجلطة، مات بحادث السيارة، إن كان هو عمرو أو سعيد أو
عبدالله اليوم، فأنا أو أنت غدًا أو بعد غد، ليس بعيدٌ على أحد، وليس
قريبٌ من أحد.

كلنا - والله - لا يدري متى هذا الموت، لذلك وجب علينا أن نتذكر الموت؛
هكذا يأمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نتذكَّر الموت؛ لأن الموت
أعظم واعِظٍ يعظ الإنسان، أبلغ من المواعظ البليغة، والخطب الفصيحة،
والكلام الطويل العريض.

الموت أعظم واعظٍ، وكفى بالموت واعظًا؛ لذلك يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((اذكروا هادم اللذات))، وهادم اللذَّات الموت.

نعم، اذكروه أيها الإخوة، وتذكَّره أخي في كل وقت، إذا أصبحت فلا تنتظر
المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وكن في الدنيا كأنك غريب، ويقول -
صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها
الرادِفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه)).

وعندما كان – صلى الله عليه وسلم - يدفن أحدًا من أصحابة، كان يلتفت إلى
الأحياء، إلى المشيِّعين حول القبر ويقول: ((أي إخواني، لمثل هذا اليوم
فاستعدوا، أي إخواني، لمثل هذا اليوم فاستعدوا، أي إخواني، لمثل هذا اليوم
فاستعدوا)).

هكذا يأمرنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أن نذكر الموت، وأن نستعد للموت.

إذاً فيا أيها الإخوة، يا من طال رجاؤهم، طال اغترارهم بهذه الحياة الدنيا:
تذكروا مَنْ مشيَ إلى المقابر، مَنْ يمشي على رِجْلَيْه ولكنه مشى على ظهور الناس، مشى في تلك الآله الحدباء:


كُلُّ ابْنُ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلاَمَتُهُ يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحْمُولُ

وهذا الإنسان - كما قلتُ - قد يكون أنا أو
أنت، اليوم أو غدًا، فلنحسن الأعمال إذًا، لنصل إلى ذلك الوقت، إلى تلك
المرحلة، لنواجه تلك الحقيقة ونحن مستعدون لها، حتى لا نأسف كما يأسف
المقصِّرون، ولا نطلب المهلة فلا تكون هناك مهلة.

نسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يرزقنا اليقظة والتذكُّر والاستعداد، إنه سميعٌ مجيبٌ.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباد
الله الذين اصطفى، وخصوصًا على سيِّدهم وأفضلهم وخاتمهم، محمد رسول الله
المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أيها الإخوة المؤمنون:
اتقوا الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18].

لنتَّقِ الله - أيها الإخوة - ومن تقواه أن نكون مستعدِّين للقائه، قال الله - سبحانه وتعالى -: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا
أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ
هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي
إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
} [المنافقون: 9-11].

إذًا لا تُلْهِنا أموالنا، لا تُلْهِنا أولادنا، لا تُلْهِنا دنيانا، لا
تُلْهِنا كلها عن الله، لا تُلْهِنا عن الاستعداد للقاء الله، لا تُلْهِنا
عن الاستعداد لذلك اليوم العظيم، يوم يهجم الموت ذلك الهجوم الذي لا يدفعه
أحدٌ.

تخطَّى حرس الملوك، قفز أسوار الحصون المنيعة، تعدَّى إلى ألمع الناس
وأعزِّهم، فما ترك أحدًا، وما حال دونه ودون مَنْ يطلبه أحدٌ، كم من
مَلِكٍ، كم من أميرٍ ورئيس في الأزمنة الماضية وفي هذا الزمان، وأنتم
تعلمون كم نقلت لنا الأخبار أن الرئيس الفلاني أو الملك الفلاني مرض
وسُفِّر إلى الخارج، وتجمع عليه أمهر الأطباء، وعملوا جادِّين، يتسابقون
مع الموت، يريدون أن يردُّوا عنه هذا الموت؛ فهل استطاعوا؟ أين فلان وفلان
وفلان من الذين اختير لهم أمهر الأطباء؟ هل استطاعوا أن يردُّوا عنه هذا
الموت؟! كلا والله، والله لن يستطيعوا، والله لن يقدروا على ذلك، لذلك لا
تلهينا أمولنا، لا تلهينا أنفسنا، لا يلهينا أولادنا وذرارينا ومساكننا عن
الاستعداد لهذا الموت وذلك الرحيل، عن الأخذ بأسباب النجاة يوم نرجع إلى
ربِّ العالمين، ويقول الله - سبحانه وتعالى -: انظر حال هؤلاء المقصِّرين
العاصين المذنبين؛ بل حتى الطائعين أيضًا، لأنهم يريدون أن يزدادوا من
الخير؛ قال الله - سبحانه وتعالى -: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ
هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
} [المؤمنون: 99، 100].

هذا هو الحال، فلما لا تعمل صالحًا الآن؟ لما تنتظر العمل الصالح يوم الموت؟

مازلت في زمن الإمكان، فَقُمْ اعمل واستعد وتهيَّأ، أما إذا نزل، أما إذا
جاء، أما إذا انتهى الأجل؛ فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، ممنوع، لا
يمكن أن تُؤخَّر دقيقةً، ولا أن تُقدَّم عن وقتك دقيقةً واحده.

لذلك يكون الاستعداد من اليوم؛ فكيف نستعد أيها الإخوة؟

نستعد بأنواعٍ من الاستعدادات؛ منها:
أن نستعدَّ بتطهير النفس من أنواع الشِّرك بالله - عزَّ وجلَّ -
لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – يقول: ((مَنْ لقيَ الله لا يشرك به
شيئًا دخل الجنة، ومَنْ لقِيَه يشرك به شيئًا دخل النار)). إذا فلنحرص على
طرد الشِّرك وإزالته من نفوسنا.

والشِّرك أنواعٌ: الرِّياء من الشِّرك،
العمل من أجل الدنيا من الشِّرك، الرَّجاء في غير الله من الشِّرك، دعاء
غير الله من الشِّرك، الاعتماد على غير الله من الشِّرك، شركٌ قلبيٌّ،
وشرك قوليٌّ وشرك عمليٌّ، وشركٌ أصغر، وشركٌ أكبر، ولا ينجوا النجاة
التامة، ولا يأمن الأمان الكامل - إلا ذلك الذي لم يُلْبِس إيمانه بأي
نوعٍ من أنواع الشِّرك: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].

وكذلك أيها الإخوة نطهِّر القلب من جميع الأمراض؛ من أمراض الحقد، من أمراض الحسد، من أمراض الكِبْر، من الغش على عباد الله.

أمراضٌ كثيرةٌ تعتري القلب وتتناوبه من كل مكان، ولم ينجُ إلاَّ مَنْ سلم من هذه الأمراض: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89]، سليمٌ من جميع تلك الأمراض، وأعظمها مرض الشِّرك بالله سبحانه وتعالى.

وعلينا أن نستعد نستعد بالتوبة النَّصوح من جميع ذنوبنا، ومن جميع
سيِّئاتنا، ومن جميع تقصيرنا في طاعة ربِّنا، نتوب إلى الله، الذين
يعصونه، والله الذين يقصِّرون في طاعته: {إِنَّمَا
التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى
إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا
الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا
} [النساء: 17، 18].

التوبة - يا عباد الله - من أعظم أنواع الاستعداد للموت، حتى تلقى الله وهو راضٍ عنَّا، فترضى عنه ويرضى عنك - سبحانه وتعالى.

والنوع الرابع من الاستعداد: أمر يخصُّنا، يخصُّ أبنائنا وبناتنا، يخصُّ مَنْ وراءنا، يخصُّ الناس الذين نتعامل معهم، ألا وهو الوصية.

أيها الإخوة:
هذه الفريضة التي كتبها الله علينا ونحن
عنها غافلون، وكم من مشاكل ترسَّمت بين الوَرَثَة بسبب إغفالها، لأن
مورثهم لم يوصِ؛ فصار بعضهم يأكل مال بعض، وبعضهم يعتدي على بعض، وبعضهم
يُحرَم من حقوقه، كم من إنسان له ديون عند إنسان، فيموت ذاك الإنسان ولا
يوصي، فينكر وَرَثَته ديون الآخَرين؟! كم من إنسان له مال، وهذا المال
أصبح حقٌّ للوَرَثَة، فلم يوصِ، فيضيع المال، فيتسبب في حرمان وَرَثَته من
حقِّهم؟! كم من إنسان يريد أن يتصدَّق، يريد أن يقف شيئًا من أمواله، يريد
أن يقدِّم له شيئًا، أن يجعل له صدقةً جاريةً تنفعه بعد الموت، فيغفل
ويخاف، يخاف أن يوصي؟!

إن هذا لهو من الغفلة العظيمة؛ يخاف أن الوصية تقرِّب الموت، أنَّ الوصية
تطوي الأجل، أن الوصية نذير شؤم وفأل غير حسن!! كل هذا من الجهل ومن
الغفلة، لذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما حقُّ إمرءٍ مسلمٍ
له شيءٌ يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده))؛ لا يَحِقُّ
للرجل له دينٌ عند أحدٍ، أو عليه ديونٌ لأحدٍ، أو يريد أن يفصل بين
أولادة؛ بأن فلان من أولادة أحسن إليه، ساعده في قيمة البيت، في بناء
البيت؛ فله حقٌّ في البيت، أو فلان كذا، أو أن زوجته كذا، أو أن فلان
قريبه، إلا ويوصي، يكتب ذلك ويضعة عند رأسه كما قال عبدالله بن عمر – رضي
الله عنهما -: "فما بِتُّ ليلتيْن منذ أن سمعت ذلك من رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إلا ووصيتي مكتوبة عند رأسي)).

اكتب هذه الوصية، ولو لم يكن فيها إلا عشرة ريالات لفلان، أو عشرة ريالات
عند فلان، أو صدقة كذا للمسجد الفلاني أو المشروع الفلاني، فإن ذلك لا
يقرِّب أَجَلاً، ولكن يُبْعِد الفِتَن، ويزيل المشاكل، ويجعل الإنسان
عاملاً بوصيَّة ربِّ العالمين، وبهدي رسوله - صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله أن يرزقنا وإيَّاكم حسن الاستعداد للموت، وأن يهونِّه علينا،
وأن يجعل لنا ولكم خاتمةً حسنةً، و مآلاً صالحًا، إنه سميعٌ مجيبٌ.
الطير المهاجر
الطير المهاجر

الجنس : ذكر عدد المساهمات : 53
تاريخ الميلاد : 12/10/1989
تاريخ التسجيل : 25/04/2010
العمر : 34

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى